النفس والسفينة ( خاطرة )

يانفس:
مثل أهل الدنيا واشتغالهم بأشغالها ، ونسيانهم الآخرة وإهمالها ، كمثل قوم ركبوا السفينة في البحر للتجارة ، فعدلوا إلى جزيرة لأجل الطهارة ، والربان يناديهم : إياكم وطول المكوث ، ودوام اللبوث ، فمن اشتغل منكم بغير الوضوء والصلاة ، فاتته سفينة النجاة ، فالعقلاء منهم لم يمكثوا ، وشرعوا في الوضوء والصلاة ، ولم يلبثوا ، فوجدوا الأمن والعافية ، وأماكن السفينة خالية ، فجلسوا في أطهر الأماكن وأوفقها ، وأطيب المواضع وأرفقها . يانفس :
ومنهم من وقف ينظر إلى شجر تلك الجزيرة وثمارها ، ويستمع إلى طيب ترنم أطيارها ، فغفلوا لذلك غفلة قليلة ، أعقبتهم حسرة طويلة ، فلما عادوا إلى المركب لم يجدوا مفرجاً ، بل مكاناً حرجاً ، فقعدوا في أضيق المواطن وأظلمها وأحرج الأماكن وأنتنها .
يا نفس :
ومنهم من لم يقتنع بالنزهة والتفرج ، وأطال مدة المكوث والتبرج ، واشتغلوا بجمع ما في الجزيرة من اللآلي الثمينة ، ولم يلتفتوا إلى مناداة ربان السفينة ، فتحيروا إذ همت السفينة في الرجوع ، وغار من الجزيرة الينبوع ، ثم جدت شرورها ، وخرت على عروشها ، فمنهم من هوى فيها صريعاً ، أو مات بها جوعاً ، ومنهم من أهلكته السباع ، وأكلته الضباع ، فالقوم المتقدمون هم المؤمنون ، والقوم المتوسطون هم الذين للطاعة والمعصية يخلطون ، والقوم المتأخرون هو المجرمون .
يا نفس :
ألا تستحين من التوبيخ والتعنيف ، على طول التسويف ، كلما فعلت حوبة ، وعدت نفسك بالتوبة ، وتقولين : إن شبت تبت ، أو عمرت أنبت ، ويرى جهلك أن الإنسان ، يستبعد الموت من الشبان ، وهذا جهل منك أيتها النفس القرونة ، والأمر بالعكس يا مسكينة ، لأن الموت في الشباب أكثر ، وفي الشيوخ أنزر . فلو عددت مشايخ بلدتك ، وشيب قريتك ، لكانوا أقل من عشرة رجال ، وتجدين الشبان والأطفال ، أكثر منهم على كل حال ، فإلى أن يموت شيخ يموت ألف من الأطفال والشبان ، والغلمان والصبيان ، على أن الموت ليس له وقت مخصوص ، ولا عليه آن منصوص ، بعيد أو قريب ، في شباب أو شيب ، في شتاء أو صيف أو ربيع أو خريف .

لكم منى أجمل تحية .. وسلام

تشبية جميل وموضوع متميز متشكرين يا حلم على مواضيعك القيمة
اللهم انى اعوذ بك من نفسى الامارة بالسوء

شكرا ليكي يا هبة عجبني الموضوع اوي