أزمة المراهقة
لما كانت المراهقة تتميز وخاصة في بدايتها بالنمو السريع في جميع الوجوه،
الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي، بالإضافة إلى أن الفرد ينتقل في
هذه المرحلة من الطفولة إلى مرحلة تؤدي إلى النضج بحيث تجعله متمثلاً
لنظم المجتمع وتقاليده فإن هذه المرحلة يطول مداها أو يقصر وفق طبيعة
المجتمع الذي يعيش فيه الفرد ومستواه الحضاري من الناحية الاجتماعية
والاقتصادية ولهذا فقد تصبح المراهقة أزمة من أزمات النمو وذلك عندما تتعقد
المجتمعات التي يعيش فيها المراهق وعندما تتطلب هذه المجتمعات من
المراهق إعداداً طويلاً وقد تنشأ هذه الأزمة من طول الزمن الذي يفصل النضج
الجنسي عن النضج أو الإعداد الاقتصادي .
وتبدو هذه الأزمة في المدن أكثر منها في الريف ذلك لأن النضج الاقتصادي
قريب في مداها من النضج الجنسي بينما نجد أن الإعداد الاقتصادي في
المجتمع المدني يجعل الفارق الزمني بين النضج الجنسي والإعداد الاقتصادي
واسعاً، فالفتى الريفي ما أن يصل إلى مرحلة البلوغ حتى يتزوج ويقيم لنفسه
علاقات جنسية صحيحة أما فتيان المدينة فإن نضجهم الاقتصادي يتأخر إلى أن
ينهي الفتى مراحل التعليم المختلفة، ويصبح قادراً على **ب رزقه ومن الفترة
التي تبدأ بالبلوغ وتنتهي بالنضج الاقتصادي وبهذا المعنى فإن طول مدة الإعداد
التي تفرضها حضارة ما سبباً من أسباب تسمية هذه المرحلة (( بأزمة )) .
وهذا المظهر الذي أوضحناه من حيث وجود التفاوت بين النمو الجسمي والنضج
الاقتصادي ليس إلا وجهاً من الأوجه المختلفة التي تتميز بها مرحلة المراهقة،
والحقيقة تبدو في أن النمو السريع الذي تتميز به هذه المرحلة العمرية وعدم
حصول التلاؤم بين مظاهر النمو المختلفة وما تستدعيه من الفعاليات هي التي
تؤدي إلى ما يسمى (( بأزمة ))
وبمعنى آخر أن الفرد في سن المراهقة ليس بطفل كما أنه ليس براشد فهو في
مرحلة ودّع فيها مرحلة الطفولة واستقبل مرحلة تفرض عليه أن يحث الخطى للوصول
إلى مرحلة الرشد . وهو في سيره الحثيث هذا يعني من المواقف التي
تقصر خبرته القليلة من تلاؤمه، ولهذا كانت هذه المرحلة كما يصفها بعض
الباحثين بأنها
" أزمة "
مع تحيات
حلم صغير